الخليل - - حدث ذلك عندما جاءت مجموعة من المستوطنين اليهود الى المنزل الذي كان يعمل فيه عدد من الشبان الفلسطينيين في وسط مدينة الخليل ومن بينهم الصبي حمزة أبو خاطر (14 سنة). زملاؤه انتبهوا لما يتهددهم من مخاطر وفروا لكنه كان على السطح ولم يلحظ الزمرة اليهودية. وعندما ادرك ما يحصل امامه، كانوا قد أطبقوا عليه. كان الشبان يعملون في منزل خال من السكان من اربعة طوابق بعد ظهر يوم السبت وهو اليوم الذي يقول عنه الفلسطينيون والعاملون في هيئات حقوق الانسان الاسرائيلية الذي ينطلق فيه المتشددون المستوطنون بحثا عن ضحايا.
ونقلت صحيفة "ذي تايمز" اللندنية عن حمزة قوله: "عندما شاهدتهم لم يكن امامي مفر. بدأوا بالاعتداء علي بالضرب ولم استطع ان أحمي نفسي فقد كان عددهم يصل الى 25 شخصا".
ويعتبر الاعتداء بالضرب على الفلسطينيين على أيدي المستوطنين المتدينين الراديكاليين تحت حماية الجيش والشرطة الاسرائيلية من الحوادث الشائعة في هذه المدينة، حيث يتحدى المستوطنون اليهود في وسط المدينة 120 ألف فلسطيني. غير ان ما حدث بعد ذلك كان صدمة كبيرة حتى بالقياس الى اعمال العنف في الخليل.
قال حمزة: "دفعوني الى طرف السطح. كانوا يريدون قتلي". وسقط حمزة الى سطح اكثر انخفاضا، ما ادى الى كسر عظام احدى ساقيه ولي الركبة الاخرى. وعندما عثرت عليه عائلته كان يشعر بالالم في معدته وظهره وقدميه. ورغم ذلك الالم فقد تسبب الجنود الاسرائيليون في تأخير سيارة اسعاف فلسطينية عند حاجز تفتيش لتسعين دقيقة لان الهجوم وقع في منطقة لا يسمح فيها بمرور اي سيارات عدا السيارات الاسرائيلية كما قال والده سفيان. وقال ايضاً: "انهم يعتبرون اننا لسنا اكثر من حشرات ولسنا اناسا وكما لو اننا غير موجودين".
كان اليهود قد طردوا من وسط الخليل بعد الثورة العربية عام 1929. وقد عاد اليها اخيراً مئات اليهود. وتحرسهم قوات اسرائيلية قوامها 1200 جندي، لا تحرك ساكنا لكبح اعمال العنف ضد الفلسطينيين حسب ما ترويه هيئات حقوق الانسان. ففي مركز المدينة هناك مستوطنة كبيرة اخرى هي "كريات أربع" وتمتد أطرافها الى قلب المدينة. وقد هجر معظم الفلسطينيين وسط المدينة الذي بات معزولاً.
وحسب ما ذكرته هيئة حقوق الانسان الاسرائيلة "بيتسيلم" فان المستوطنين الذين هاجموا حمزة توجهوا الى حفلة عرس فلسطيني كان يقام في منزل مواجه لمستوطنة " خربة جبارة" التي اقيمت على تلة في مواجهة "كريات أربع"، حيث يلتقي العشرات من المستوطنين وبدأوا في قذف الضيوف بالحجارة وهو يصيحون "محمد خنزير" في اشارة الى الرسول الكريم وقاموا بتعذيب اثنين من الاطفال المعوقين خلقيا كما ذكر والد العروس عبد الكريم الجباري.
وعندما حاولت ابنته تصوير الحادث بالفيديو مستخدمة الكاميرا التي وفرتها لها "بيتسيلم" لتوثيق اعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون هاجمها عدد من الفتيات. وتدخل شقيقها فاحتجزه اثنان من افراد الجيش الاسرائيلي سمحا للمستوطنين بالاعتداء عليه بالضرب على الوجه وبالحجارة كما ذكرت عائلته.
ونفى الناطق باسم المستوطنين اليهود في الخليل ديفيد وايلدر الحادث وقال: "وصل الى سمعي ان عربياً وقع عن السطح. واذا وقع عربي عن السطح فانهم يلومون اليهود. انها اتهامات كاذبة جملة وتفصيلا".
اما الناطقة بلسان الجيش فقالت ان الجيش لم يصل الى علمه شيء عن الحادث ولم يتقدم احد بشكوى. وكان الجيش قد اتخذ اجراءات تأديبية بحق اثنين من الجنود أحدهما ضابط كبير، بعد ان قام فلسطينيون بتصوير حادث جرى فيه اطلاق النار عن قرب على قدم شاب فلسطيني موثوق اليدين معصوب العينين بعد احتجازه لاشتراكه في تظاهرة.
وقال منسق اعمال "بيتسيلم" في الخليل عيسى عمرو ان اعمال العنف في ارتفاع خصوصاً وان المستوطنين ينتهزون فرصة التفاعلات السياسية التي اجبرت رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت على الاستقالة بسبب اتهامه بالفساد. وقال: "المستوطنون يرتكبون الان اسوأ اعمال العنف"، مضيفا ان الجيش يقوم بحمايتهم. وقال: "انهم يستخدمون هذا الفراغ في الحكومة للاستيلاء على مزيد من الارض واجلاء الاهالي عن مساكنهم".